شبكة الجزيرة.نت
يروي بعض الأطباء الذين تطوعوا بالذهاب إلى غزة لمعالجة ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع بشاعة المجازر التي ترتكب بحق المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ، كما يروون مقدار الصمود والتحدي والسكينة التي تملأ نفوس المواطنين رغم الموت والدمار الذي يحيط بهم.
يروي بعض الأطباء الذين تطوعوا بالذهاب إلى غزة لمعالجة ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع بشاعة المجازر التي ترتكب بحق المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ، كما يروون مقدار الصمود والتحدي والسكينة التي تملأ نفوس المواطنين رغم الموت والدمار الذي يحيط بهم.
فما أن وصل الطبيب المصري أحمد عبد الفتاح إلى مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس قادماً من معبر رفح، حتى دخل إلى غرفة العمليات الجراحية وإلى جانبه عدد من الأطباء الفلسطينيين لإجراء عملية جراحية للطفل أسامة القرا (11 عاما) الذي أصيب بشظايا قذيفة دبابة أدت إلى قطع أحد الشرايين بينما كان في منزله ببلدة خزاعة شرق خان يونس.
وفور خروجه من غرفة العمليات عبر الطبيب المصري للجزيرة نت عن صدمته من حجم ونوع الإصابات التي عاينها، وقال "إن الإصابات تظهر مدى فداحة العداء الذي يكنه الاحتلال لدى ارتكابه المجازر بحق أهل غزة دون أي وازع إنساني أو أخلاقي"، مؤكداً أن معظم الإصابات كانت من الأطفال والنساء "الذين أصابتهم آلة الحرب الشرسة بجراح وحروق مختلفة".
وقال الطبيب إن أهم ما لفت انتباهه أن الناس يتمتعون بروح معنوية عالية ويسطرون أروع صور الصبر والتحدي والتلاحم، فرغم أصوات الانفجارات وعمليات القصف المتوالية وتوافد الشهداء والجرحى إلى المشفى، إلا أن الناس يعيشون حياتهم ويؤدون واجباتهم ويؤازرون بعضهم بعضاً في مشهد يظهر عمق التوحد والتآخي.
وتابع أن "ما لمسناه من الناس هنا من كافة أطياف الشعب، ملحمة إنسانية "فلا يمكن لأحد أن يتخيل أن شعباً تحت الحصار والجرائم يكون على هذه الدرجة من الصمود وهذه الرغبة في المقاومة وبهذه الروح العالية، فنحن الذين تعلمنا كثيراً منه".
أبو بلال يقول إن الحرب زادت المواطنين وحدة وتمسكاً بأرضهم (الجزيرة نت) |
سكينه وإيمان
بدوره يروي الطبيب والداعية الفلسطيني أبو بلال المعروف باحتكاكه وارتباطه بالناس في مدينة خان يونس والبلدات المجاورة لها، مدى السكينة التي تغشى المجتمع بالكامل.
وقال في حديث للجزيرة نت إن "المتتبع يخرج بنتيجة مفادها أن ما يجري لنا هو بقدر الذي ينزل السكينة على قلوبنا"، مؤكداً أن أكثر ما يشد انتباهه هو "المساجد العامرة رغم انقطاع الكهرباء وطائرات الأعداء" ما يعطي "علامة قاطعة على أن النفوس مطمئنة إلى أمر الله" ووعده بالفرج والنصر.
ويرى الطبيب أبو بلال أن هذه الحرب ضاعفت الرهبة التي في قلوب الأعداء "فهم في الملاجئ" مختبئون، بينما أزالت الرهبة من قلوب الفلسطينيين الذين يرون الدبابات والطائرات فيزدادون تمسكاً بأرضهم وتجذراً بها "كجبال بلادنا" وتظل رؤوسهم في السماء "كنخيل بلادنا".
ويشير إلى أن المجتمع أصبح رغم ما يجري أكثر تماسكاً، والخلافات بدأت تنتهي، وبدأ الناس يخوضون "حملة لتصفية القلوب" "ليعودوا صفاً واحداً طاعة لله في وجه من يقتل أبناءنا وآباءنا ويدمر مساجدنا".
آلة الحرب الإسرائيلية لا تستثني الطفل والمرأة والشيخ من القتل (الفرنسية-أرشيف) |
قصة شهادة
ويروي الطبيب قصة فتى شهيد فيقول "جاءت سيارة الإسعاف مسرعة بعد صلاة الجمعة الماضية من بلدة خزاعة الحدودية إلى جانب عدد من المصابين، حيث هرع الأطباء -بينهم ثلاثة مصريين- كل يبحث عن مصاب يقدم له الإسعاف والعلاج، فكان نصيبي فتى عمره 15 عاماً مزقت قذيفة الدبابة بطنه".
ويضيف "كان في الفتى بقايا من حياة، فنظرت إليه فإذا به يتحدث، قلت: أما زلت حياً؟ قال: نعم، قلت: ردد ورائي، قال: ماذا؟ قلت: ردد لا إله إلا الله، فإذا مصور إحدى الفضائيات يرقب هذا المشهد، فرفع الفتى أصبع السبابة، وصاح بأعلى صوته مرة وثانية وثالثة: لا اله إلا الله، ثم خفت صوته وقضا إلى الله.. عليه رحمة الله".
ويكمل أبو بلال "كان الفتى خارجاً لتوه من بيت الله من بلدته خزاعة حين استهدفت قذائف الدبابات المصلين والبيوت ومن حولهم من الآمنيين، وكان نصيبه أن يرحل على هذه الطاعة بحمد الله رب العالمين".
ورداً على سؤال عما إذا كان هناك من يلوم المقاومة بدعوى أنها منحت الاحتلال ذريعة لارتكاب المجازر، يقول أبو بلال "كل يوم أدخل عدة مساجد وألقي فيها المواعظ، والجميع يعلم أنني لست منتمياً لأي فصيل سياسي، وأقسم بالله رغم أني أخاطب الكبير والصغير فإن هذه المسألة ما راجعني فيها أحد، فالناس هنا تصبر وتحتسب طمعاً في جنة الله ورضوانه ورحمته".
0 التعليقات :
إرسال تعليق