كان يحب السير كثيرا, يجد فيه الفرصه الوحيده لممارسه حريته, بحيث يكون لوحده, لوحده تماما وخصوصا مع سماعات الاذن التي تفصله تماما عن العالم الخارجي, يختار القناة المفضله فلا احد يزعجه ولا احد يعترض, ولا يسمع اي صوت غير صوت افكاره تقاطع ما يسمعه بين الحين والاخر, ولكن حديثا اصبح هنالك ما يقاطعه و يفصله عن هذا الجو الروحاني و الطقس الجميل الذي تعوّد عليه, مجموعه من الحجاره او سياره قد تركت الشارع بما رحب لتصطف على الرصيف الضيق بالمكان الوحيد الذي تركته "اشجار الزينه" كما يسمونها بالرغم من انها بنظره قد افسدت المنظر و شوهته و افسدت عليه حريته.
اليوم المشؤوم بالنسبه له هو يوم التقاءه صدفه باصدقائه وهو يمارس هذا الطقس الجميل, لقائه باصدقائة يعني التوقف و نزع السماعات وبذلك يكون انتزع تماما من عالمه و رجع الى ارض الواقع, حديث ليس له معنى قد يستمر اقله الى نصف ساعه و قد يتخلله بعض المكالمات الهاتفيه و جلب سيرة فلان و علّان و قد يتخلله ايضا زجاجه من العصير او احدى المشروبات الغازيه, و بذلك يرحع الى عالم تلبية رغبات الافراد و البعد عن "عالمي" كما يحب ان يطلق عليه وهو ما يتخلل الفتره التي يقضيه فيه اقلها ساعتين خلال سيره.
ولكن اليوم حدث ما لم يكن بالحسبان, اليوم سحب احد اصدقائة السماعات بشده كنوع من المزاح و انسحبت السماعات ليظهر الصوت عاليا مجلجلا في اذان كل من حولهم, و بدأت التعليقات من حوله " ما هذا!!"..." والله ما عرفتك"..." زي اللي عنجد"... و بدأت الضحكات تتعالى حوله, شعر بخجل كبير و لم يدري ماذا يقول وبماذا يبرر الذي حصل, " ياليتني اغلقته قبل ان اقف معهم" و فجأه احس بان العالم كله توقف من حوله و اختفى الاصدقاء و اختفى الشارع و احس نفسه في منطقه سوداء لا يظهر منها الا بقعه ضوء وحيده يقف تحتها, " ولم و من ماذا تخجل!!" سأله صوت من داخل عقله, " وما العيب او الخطأ بالذي تسمعه!!! ءانت الذي يجب ان تشعر بالخجل ام هم!! " و بلحظه رجع ضجيج الشارع و قهقهات الاصدقاء و حرارة نظراتهم المستهزءه .....نظر اليهم وقال " نعم وما العيب في ذلك؟؟؟ ما العيب في ان استمع الى ما احب ؟؟ " ثم سأل نفسه " و لماذا اخبئ ما اسمع؟؟؟ لعلّ العلّه موجوده في نفسي انا و ليس بمن حولي!! " ..."لماذا افكر في رأي الناس عندما اكون مقتنع تماما بما افعله!! لماذا دائما نسعى لارضاء الناس مع ان ارضائهم ان لم يكن مستحيل فهو يعني في كثير من الاحيان عمل مالا نحب و اجبار انفسنا على ممارسات لا نطيقها"
ابتسم....اشار لهم بيده مودعا....وضع السماعات جانبا, رفع الصوت و مضى