جلست بجانبه في السياره, و كعادتهما في الفتره الاخير يمضي الطريق بدون اي كلام, هو ينظر امامه وهو مرتكي على بابه, وهي تنظر من الزجاج الجانبي و كأنها تريد ان تخرج منه, يا الهي متى بدأنا نكره احدنا الاخر, متى بدأنا لا نطيق الحديث, اذكر في اول ايام الزواج كنّا نتمنى ان نقتني بيك اب حتى لا يفرق بيننا اي شيء, وكم شكرنا ربنا على نعمه السيارات ذات الغيار الاتوماتيكي لتبقى يدانا مترافقتان طوال الطريق, كنّا لا نتوقف عن الحديث ابدا, وفي بعض الاحيان كنّا نضحك من انتقالنا من موضوع الى موضوع بسرعه صاروخيه.
عندما كان يمشي بجانبي وليس امامي بخطوات كأنه يتمنى ان لا يلمح حتى خيالي بجانبه, كنّا لا نجلس الا على نفس الكنبه, وكم كان يكره فتره الصيف لانني لا احب المراوح و المكيفات, فقد كان يضطر ان يطفئها او يوجهها الى مكان اخر من الغرفه حتى يتسنى لي الجلوس بجانبه, الان وحتى في بدايات الخريف المروحه لا تنطفئ ابدا حتى في اوقات تناول الطعام, مما اضطرني الى الجلوس في الطرف الاخر من المائده.
"يا الهي....ايمقتني الى هذه الدرجه"
نظر اليها وهي قادمه نحو السياره, قال لنفسه مهما مرت الايام و السنين تبقين جميله كاول يوم قابلتك فيه, جلست بجانبه بدون اي كلمه, استغرب من صمتها و وعد نفسه ان لا يتكلم معها, يعلم انها تعبه و مرهقه فلم لا يمنحها فتره الطريق الهدوء اللازم لروحها حتى تنتعش من جديد, منذ زمن و هو لم يراها تضحك مثل السابق, كل يوم اقرر ان افعل شيء لاجلها و لكن مشاغل الحياه وارتباطاتها تنسيني, اذكر اول مره رأيتها بها, لم اتمالك نفسي عن سؤال اختي عنها وعن ظروفها و كم اسعدني علمي بانها غير مرتبطه, لا ادري اهي الارواح ام ماذا ولكنني اكاد اقسم انني عندما رأيتها علمت انها ستكون زوجتي.
نظرت اليه في طرف عينها رأته وكأنه في دنيا اخرى, " انا متأكده انه يتمنى ان يكون مع احد اخر غيري الان" اذكر عندما كنت اسأله بماذا تفكر حبيبي, كان يقول لي افكر بمستقبلي معك حبيبتي, افكر بنا ونحن عجوزان يتكأن على بعضهما يحملان حقيبتا ادويتهما و يجلسان بجانب البحر يحتسيان القهوه, حبيبتي!!!! منذ مده لم اشعر بها هذه الكلمه, منذ.... حتى انني لا اتذكر متى اخر مره قالها لي.
ادار المذياع حتى يقطع حدّه الصمت الذي يعم السياره, فاذا بها اغنيتها المفضله, تذكر انها قالت له انها اصبحت تكره هذه الاغنيه لانها تذكرها بابنه عمته التي اصرت ان ترقص معهما يوم عرسهما عليها حتى تغيضها لانها سلبت منها ابن خالها و حبيبها, ادار المسجل بسرعه حتى لا يعكر صفو راحتها, و تنهد بعد تذكر يوم زفافهم, عندما رأها بثوب العرس و كأنها ملاك يسير امامه, كان يتمنى ان لا احد يراها غيره.
حتى انه لا يريد سماع الشيء الوحيد الذي جمعنا , و كأن النار تخرج من قلبه من شدّه كرهه وندمه على الارتباط بي, كم حاولت ارجاعه و اعاده قلبه الي و لكن دون فائده, لا ادري حقا متى خسرته ومتى فقدته, حاولت بشتى الطرق , لمّحت له واعطيته بداية الخيط ولكن عبثا ان يتتبع اي تلميح او اي خيط, انه يمقتني لا محال
اوقف السياره امام المنزل, نظر اليها حتى يخبرها انهم وصلو خوفا منه ان تكون قد نامت حيث انه لم يرى وجهها طوال الطريق, نظرت اليه, قال لها وصلنا و قال في سرّه "احبك" قالت له حسنا وقالت في سرّها " احبك"